"نجمة
أنا فى سماء الشهرة تتلألأ فى سماء تمتلىء بالكثير من النجمات، لكنى غير سعيدة
"هذه العبارة أرددها لنفسى دائماً وخاصة كلما تزداد شهرتى وتقل سعادتى وكأن
سعادتى تتماشى عكسياً مع نجاحى وشهرتى،هل صح ما قالته أمى عنى "ما طار طير
وارتفع إلا كما طار وقع، وإنى اتخذت الطريق الخاطئة للنجاح وأن البشر لا يستطيعون
الحصول على كل ما يحقق السعادة فالسعادة فى الرضى والرضا بالمقسوم عبادة"، كنت
اعتبرها أساليب لإرجاعى عما كنت أنتويه،آه نسيت أعرف بنفسى فأنا مذيعة أظهر كل يوم
على شاشات التلفزيون أشهر من نجوم السينما يعرفنى الكبار والصغار، قدمت برامج هزت
أرجاء العالم وتردد أسمى فى كل المحافل، واستعان بى كل المشاهير ورجال الأعمال،حتى
الأمهات يرجون منى النصيحة لأبنائهم الصغار،يجلس الصغار والكبار أمام شاشات
التلفزيون ليروا وجهى البشوش، فتاة أحلام الكثير من الشباب وصديقة لكل أمرأة
،وموديل يحتذى به لكل فتاة وسيدة مجتمع،أنا فى منتصف الثلاثينيات،هل تعتقدون أنى
مبالغة معكم كل الحق لكنها حقيقة بلا مبالغات، تتعجبون من تعاستى، صعب أن تضع نفسك
بين النجوم والمشاهير،وأن تسكن سماء الشهرة وتكون قمراً أرضياً ينير للأخرين
الطريق وتكون نموذجاً يحتذى به من كل الفئات،يرى الجميع أنها معادلة صعبة،وأنا كنت
كذلك لكنى قررت التضحية بالغالى والنفيس حتى أحقق نجاحى وشهرتى،ظننت أن فيهما تكمن
سعادتى.
فقد تخرجت من كلية الصحافة والإعلام،كنت مثال
للفتاة النشيطة المجدة والمجتهدة ووفر لى اجتهادى الفرصة لعمل مقابلة مع أحد
المخرجين الكبار سناً ومركزاً،وأعجب بى الرجل شكلاً وموضوعاً،عرض على التدرب معه
لفترة حتى يقدمنى كمذيعة فى التلفزيون،وبعد انتهاء فترة التدريب التى كنا متلازمين
فيها كالشخص وظله،أنتهى التدريب وقدم لى عرضان أحدهما للعمل والآخر للزواج، لم
أستطع أن أرفض أى منهما لأن رفض الزواج معناه الدخول فى متاهة لانهائية، تفاهمنا
بلغة عصرنا يريد زوجة يستمتع بوقته معها، وأريد شهرة ونجومية، تمت الصفقة برغم رفض
أمى، وكتب العقد بدموع أمى المذهولة، وقرر هو أن يظل كل شىء فى السر لصالح
الطرفين، اختار لى البرامج التى دفعتنى دفعات قوية كان يظن أنه يرضينى وبالفعل لقد
أرضى تعطشى للنجاح،اصبحت مذيعة مشهورة وهو صانعى، بدأت أتململ من الوضع، أريد
الظهور أكثر، ووجدت نفسى أصارح نفسى، أخذ ما أراد وأخذت ما اردت فليتركنى أبدأ
حياتى،انفصلنا بهدوء،وبدأت ألمع ونسيت ما قد كان هكذا هى الحياة.
....بداية أخرى مع
مذيع مشهور دائماً حياتى معه صراع ومقارنات بدأ يتحين لى الفرص ليهاجمنى بين
الأصدقاء والمعارف له شخصية الطاووس يريد أمرأة ترضى غروره كنت ملكة لا أستطيع
التنازل عن عرش مجدى من أجل هذا الطاووس، وتفاقمت المشكلة عندما خيرنى بين البقاء
معه أو المجد والشهرة، هل جن! هل يعتقد أن فى الأمر اختيار، تركت له المملكة التى
أراد أن يستعبدنى فيها ورحلت لأضوائى التى تساعدنى على التلألأ كنجمة.
....بداية ثالثة
هذه المرة جذبنى خضوعه لى ومحاولته التقرب منى،أشعرنى بأنوثتى والحق يقال أنى
اشتقت أن أعيش دور الزوجة المحبة والمحبوبة،أقسم أنى أردت هذه المرة أن ابتعد عن
الصفقات أردت الحب والزواج والأمومة، كان معداً للبرامج توسمت فيه الحنان والرقة
عوضنى فى لحظات ما افتقدته لسنوات ، كان طموحاً أعمانى الحب عن أى شىء سوى الزواج
منه،أردت ذلك ولو كان أراد منى أن أتنازل عن عرشى لأكون خادمة فى بلاطه لتنازلت، تم
الزواج أيام ساحرة وأسابيع تمر، ثم بدأت الصفقة تتضح تزوجنى ليستغل شهرتى ليصل
فعلتها أنا فى الأول ففعلها هو بى، تحملت فنجاحه يسعدنى على أى حال كلما ساعدته طلب
المزيد، حتى بدأ ينقلب على تعتقدون أنه أصبح طاووساً،لا بل أكثر بكثير أصبح
سادياً،عاقبنى على نجاحى وأذلنى وفضح أسرارى وحطمنى وعرف النساء وخاننى بل تزوج من
أخرى،كان يظهر معها فى الصحف، وأجهضنى، وطلبت الطلاق، وعدت محطمة لموضعى.
بذلت كل جهدى لإستعادة إتزان عرشى المهزوز وعدت
أملىء وجهى بالمساحيق، وأرتدى أفخر الثياب وأظهر فى البرامج التى تشكل صدى لدى
الجماهير، وعاد الجمهور يرى ابتسامتى العريضة ويرانى نجمة متلألئة فى سماء الشهرة
وبدأت تعود لى أضوائى التى طالما برعت فى إظهار قوتى وأنا تحتها ونجوميتى ، لكنها
أبداً لم تظهر دمعة حسيرة قابعة فى عيناياى وحسرة داخل القلب من آثار فشلى فى
حياتى الشخصية ،صدقت يا أمى فالأضواء التى تكشف سعادتنا للناس ولا تكشف لنا الطريق
لمداواة جروحنا ومعالجة أخطائنا هى أضواء قاتمة ليتنى سمعتك منذ البداية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق