الشتاء هذا الفصل
الرائع أحد الأمور التى أعشقها فى هذه الدنيا وأتمنى أن استمتع بهذا الفصل وأن
يكون اخر ما تراه عيناياى هو قطرات ماء وسماء ملبدة بالغيوم،وصوت ريح شديدة تملىء
أذناى فهذا ما أريد أن يكون عليه الجو عندما أرحل من هذه الدنيا فالريح ستحمل روحى
لتهيم فى الفضاء والماء سيغسل تلك الروح وينقيها وتلتف بثوب أبيض من نسج السحاب
قبل أن تعود روحى لبارئها فتعود نقية شفافة طاهرة كما تسلمها جسدى،كم عشقت صوت
المطر وأحببته أنه أفضل من كل الموسيقى التى أسمعها أنها موسيقى من عزف الطبيعة
ولا أدرى سراً لعشقى ماء المطر وماء البحر ربما بسبب طبيعتى النارية فهى لا تهدأ
إلا بوجود الماء،كانت أفضل أمانى أن أسكن فى منزل يطل على البحر مباشرة دون حواجز
وان يكون منزلى كله حوائط زجاجية شفافة أستطيع أن أراقب البحر حتى وأنا فى فراشى وأستطيع
شم هوائه وسماع عزف أمواجه وأن أراقب هذا البحر وهو يرتشف ماء المطر ويذيبها فى
أحشائها وكأنهما حبيبان يلتقيان بعد فراق ، وفوقهما السماء وكأنها أنثى فى أوجها
وعنفوانها تلف سحرها ودلالها برداء رمادى يشوبه اللون الأبيض علامة على غموضها
لتثير شغف عاشقيها، كنت أقطن بعيداً عن البحر وكنت أتكبد وقتاً طويلاً حتى أصل
إليه أراقب منزلا أسسه صاحبه وكأنما استشف شكل المنزل الذى أعشقه وأبتغيه من خيالى
وقام ببنائه،وكنت أجلس فى منطقة تتيح لى رؤية المنزل ومراقبة البحر وعندما يرغب
البحر فى احتضان الشمس ويقترب القمر من البزوغ ،أعود حزينة لمنزلى وذات يوم هطل
المطر وأنا أجلس فى مكانى المعتاد ولم أرغب فى الهروب من تلك اللحظة المفاجئة إلا
ان سيدة مسنة نادتنى من منزل أحلامى ودعتنى لدخول المنزل كانت فرصة لأشاهد المنزل
لأول مرة من الداخل انه أجمل مما تصورت أعطتنى منشفة وملابس جافة وجلسنا بجوار
المدفأة نحتسى أكواباً من الكاكاو الساخن ونراقب المطر هى أرملة لرجل يعشق البحر
مهندساً معمارياً بنى هذا المنزل ليقضيا فيه أخر أيامهما وسافر ابناها للعمل فى
الخارج وأستقرا هناك وبعد موت زوجها ظلت وحدها تسكن فى هذا المنزل وسكتتا برهة
لتسمع صوت نقر المطر على الزجاج كانت أسعد لحظة مررت بها فى عمرى، لحظة لم أحلم أن
تتحقق أبداً ولقد تحققت كما تمنيتها وبمنتهى الدقة ثم ودعتها على أن أكرر الزيارة
خرجت وأن أمنى نفسى أنى سأفوز بسماع كل ما يعرفه ماء البحر والمطر معاً وهذا أهم
ما حدث لى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق