السبت، 25 سبتمبر 2021

بئر يوسف

 

بئر يوسف أو الجب كما ذكره الله فى قصة سيدنا يوسف، القصة اللى ربنا سبحانه وتعالى قال عنها انها من أحسن القصص، فيها عبر وعظات ومواقف مازالت بتحصل لحد يومنا هذا، اه ما تستغربوش كلنا بيجى علينا لحظات نكون زى يوسف ماعملناش اى حاجة فى اللى قدامنا وكل ذنبنا هو ثقتنا الشديدة فى الشخص او الاشخاص اللى قدامنا نمشى فى اتجاه يدفعونا ليه وفى الآخر يدفعنا لغياهب الجب، ويسيبنا ويمشى بدون اى شعور بالذنب ويسيبنا نواجه صدمة الغدر اللى بتقلب كياننا وتخلينا نرتبك مش فاهمين اللى قدامنا عمل فينا كده ليه طيب نطلع من البئر ده ازاى طيب نواجه مخاوفنا واحنا فيه ازاى ونتغلب عليه ازاى ونثق فى اى حد تانى ازاى، اكتر حاجة بتوجع لما يكون اكتر حد دفعنا للبئر هو اكتر حد وثقنا فيه وكنا مستبعدين غدره ، الحل وقتها بيجى من حبل النجاة اللى بيتمد لنا عشان ينقذنا وينجينا الحبل ده طوله ومتانته بيتوقفوا على قوة وطول علاقتنا بربنا هو الوحيد اللى قادر يهيئ لنا أسباب النجاة

الأحد، 31 يناير 2021

الوجه الآخر لقصتنا معاً

دق هاتفها فتململت فى فراشها تحاول الوصول بيديها للهاتف المتواجد على المنضدة المجاورة للفراش، نظرت إلى الشاشة المضيئة فاذا باسمه على الشاشة لأول مرة منذ شهور، اعتصر الحزن قلبها وطافت الذكريات برأسها ما الذى ذكره بى الآن، ولأى غرض يتصل آلا يكفينى ما عانيته حتى تغلبت على الفراق؟ غالبت شوقها فوجعها وكبريائها كانا أكبر من أن ترد، وضعت هاتفها وقامت لتشغل الراديو كعادتها كل صباح فجاءها صوت ماجدة الرومى (أخرج من معطفه الجريدة) تلك اغنيتهما معا، فقد تقابلا فى أحد تلك الكافيهات، وبدأت القصة هناك يوم أن وقعت القهوة ولطخت ردائها الأبيض وانسكبت على الهاتف واللاب توب فقام مسرعا من على منضدته يحاول مساعدتها وهى فى قمة الحرج لا تدرى كيف تتصرف وما زاد من احراجها وجود رجل فى المكان فقد اختارت ذلك المقهى او الكافيه لأنه يكون خاوياً من البشر فى ذلك التوقيت، أنها حتى لم تلاحظ وجوده فى المكان قبل ان يتحرك لمساعدتها فقد كانت منهمكة فى البحث عبر الانترنت عن فرصة جديدة للسفر أو الهجرة أو العمل فى الخارج، فقد انتحرت الأحلام فى بلادها على مقصلة الظلم والفساد المنتشرين بها، فما كان منها إلا البحث عن مهرب لتنجو بأحلامها، يوم أن قابلته كانت الدنيا قد كسرت قلبها، فأصبحت كصخرة صماء تتحرك داخل نهر الحياة، لكن عينيه شئ آخر اختطفاها من كل شئ اربكها ذلك العمق والدفء فيهما استفاقت على ماهى فيه، عرض أن يوصلها شكرته وتحركت للخارج واوقفت تاكسى وعادت لمنزلها وعيناه لم تبرحاها، وفى اليوم التالى ذهبت الى الكافيه مرة أخرى لكنها كانت تبحث عنه هذه المرة فقد كانت تريد ولسبب ما لا تعرفه أن ترى دفء عينيه، وبعد أن جلست مر وقت ولم يأتى ظلت تؤنب نفسها على ذلك التفكير الطفولى وتلك المراهقة التى لا تناسبها، وقالت لم عدت عن عهدى مالى وهذا الشخص؟ وقررت الانصراف وهى تشعر بضيق، دفعت حسابها وعند الباب وجدته نظرا لبعضيهما وحديث توهمته بين عيونهما هى تساله لما تأخرت وهو متوسلا أنتظرى جئت من أجلك؟ لكنها استفاقت وغادرت بعد ان انتشت بنظرة عينيه وذلك العطر وتحية خاطفة منه، تكرر الموقف حتى جاء يوم خرجت أثناء دخوله وتذكرت بعض الأشياء التى يجب ان تشتريها فذهبت للسوبر ماركت المقابل فوجدته خارجا تعجبت لم يدخل غير من خمس دقائق فقط فيما جاء وفيما ذهب؟ أثار ذلك فضولها، وقررت أن تتابع من بعيد فوجدته يبحث من داخل سيارته بعينيه عن شىء ما، لم تفهم لكنها ارضت نفسها بالإجابة ربما جاء له استدعاء عاجل من عمله، وفى اليوم التالى كررت الفعل فوجدته يغادر بعدها بخمس دقايق، وذات يوم قررت أن تنتظر مجيئه حتى يأتى مهما تأخر وبعد قليل فصل هاتفها وطلبت شاحن من أحد العاملين فى الكافيه فجميعهم يعرفونها من كثرة ترددها عليهم لكنه لم يجد لديه من نوع هاتفها، فى نفس اللحظة قام هو وخرج واستاءت ثم عاد ومعه الشاحن وهى تلملم اغراضها لتذهب فقد اعتقدت انه ذهب ولم يكن ينتظرها كما توقعت وما فاجأها هو أنها وجدت ان الشاحن عليه ملصق يوضح انه جديد لكنه اخبرها ان لديه نفس نوع الهاتف ثم اخبرها أن هناك تطبيقا يوفر استهلاك الطاقة فسلمته الهاتف بحركة لاإرادية كى ينزله لها جلس وحاول فتح الهاتف قال لها دعيه قليلا فى الشاحن وطلب من العامل اثنين من نوع القهوة التى تحبه وقبل أن تشكره فاجأها بطلب الشيكولاته التى تحبها مصاحبةً للقهوة هل هى مصادفة ام انه كان يراقبنى؟ وبدون مقدمات بدأ يقدم نفسه هو مهندس اليكترونيات لديه شركة ناشئة عائد حديثا من فرنسا تاركا ابنته مع طليقته الفرنسيه، ومعلومات كثيرة حتى تعجبت لما يخبرها ذلك الغريب عن كل تفاصيل حياته، لم تعرف وقتها أنه يحبها ويتابعها منذ شهرين كاملين ويلغى مواعيده ليظفر بتلك الدقائق ليراها قبل أن تغادر ويطلب القهوة ويغادر دون تناولها ليلحق بها عسى أن يعرف عنها أى شىء، وأن موقع الكافيه بعيدا عن مسكنه وعمله ويوم أن رآها أول مرة كان مارا بالصدفة بعد مقابلة أحد عملائه، فكان يقود سيارته مسافة طويلة ليراها، لم يخطر ببالها يوماً أن يفكر بها رجل على هذا النحو، وقد تركت ملقاة سابقا على قارعة الطريق من شخص اهدته حياتها وأخذت عليه ميثاقاً غليظا بأن يكون الحامى والسند وغادرت منزل أهلها معه عروس لتعود اليهم حطام، سألها عن نفسها فلم تبح الا بالقليل كانت مشدوهة وقد أخذت الوساوس تلعب براسها هل هذا الرجل مجنون؟ أم يعتقد أننى فريسة سهلة؟، أوهمته أن لديها موعدا وتأخرت واعتذرت وهى ترى عينيه وقد تحولا الى بحر هادر الأمواج ونظرة غاضبة متوسلة آلا تهربى؟ لكنها آثرت السلامة، وقررت ألا تعود وبعد مرور أسبوع عادت لتجد عامل الكافيه يخبرها أن المهندس فلان سأل عنها ومعه شىء يخصها؟ لم تنتبه إلى أنها نسيت مفاتيحها من شدة ارتباكها يوم أن جلسا سويا ذلك ما اعتقدته، لكن الحقيقة هو من أخفى المفاتيح ليكون هناك سببا قويا ليتحدث معها مرة أخرى، وعندما همت بالمغادرة استوقفها وسألها ألم تضيعى شيئا وأظهر لها المفاتيح قبل ان ترد وعلا وجهها نظرة غاضبة، فقال لها فهمت لن أزعجك مرة أخرى لكنى ارجوكى ألا تغيبى مرة أخرى فقد افتقدت طلتك التى تبهج ذلك المكان الموحش وسأجلس كما كنت دوما، كلماته اذابت جليد قلبها وفتتت صخوره فشكرته وهمت بالانصراف، فسألها هل اطمع أن تسمحى لى بانزال ذلك التطبيق لتوفير طاقة هاتفك لن يستغرق الأمر سوى ثوان معدودة وفى ثوان كان قد انزل التطبيق وأضاف نفسه على ما تملكه من تطبيقات السوشيال ميديا، وبدأت القصة رجلا يحبها بجنون وهى خائفة بشدة لكنه استطاع أن يقلص ذلك الخوف، تعامل مع طفولتها ولم يؤنبها بل استمتع بتلك التصرفات العفوية الطفولية وتلك الرغبات الساذجة، وعاشت معه المراهقة التى لم يتسنى لها أن تعيشها من قبل، اختطفها لعالم من السحر والغموض وكأنه ملك الجان وهى من تملك مصباحه السحرى، فإن تمنت نفذ لها ما تتمنى لا يكف عن اضحاكها فى كل مكالماته طوال الليل ضحكت كما لم تضحك من قبل فى حياتها، كان يذهب بها إلى كل مكان يرسمه خيالها، جرى معها تحت المطر يضحكان سويا ويأكلان الآيس كريم، ترك سيارته ليمشيا سويا ويأكلان الذرة، أكل معها الكشرى من عربة فى الطريق وتعب يومها لكنه لم يغضب منها ولم يشعرها بالذنب، كان فرحا بما تريه اياه وترى السعادة فى عينيه رغم ان الأخر أخبرها أن لديها رغبات حمقاء وتحب الذهاب لأماكن غريبة، لكنه كان فتاها المنتظر وفارسها المجهول، عندما وقعت على الارض وهما يلعبان سويا فى الحديقة أنب نفسه أنه لم يكن قريبا منها حتى تتلقفها يداه قبل ان تتلقفها الارض، كان يخاف عليها بجنون، كان الأب والأخ والصديق والحبيب، فأصبحت ترى وجهها وقد اشعلت فيه السعادة مواطن الفتنة والأنوثة، نعم أنه الحب، ما جعلها تهيم به هو مستوى التعامل الراقى وذلك التقدير والاحترام الذى يظهر فى كل أفعاله معها، كان يعاملها وكأنها وردة يخاف لمس اوراقها حتى لا تسقط من رقتها، وفى الوقت الذى وهبها فيه الحياة اخبرها أنها وهبت له الحياة، حتى عندما عرض عليها الزواج وفزعت وطلبت مزيدا من الوقت لتتعافى من قصتها القديمة لم يغضب منها بل آثر أن يظل منتظراً على قائمة الانتظار حتى ترضى، ومرت الأيام الرائعة والسحر والشغف يحاوطها، ثم اختفى وكأنه حلم فجن جنونها بحثت عنه فى كل مكان لم تجده، هاتفه لا يرد، ذهبت لعمله الذى لم تذهب له من قبل وتفاجأت بأنه غادر لفرنسا ليرى زوجته وابنته، من تقولين زوجته؟ ألم يخبرها أنه مطلق، حطمتها تلك المعلومة وأوقعتها فى بئر سحيق ألم تكتفى من كذب الرجال؟ هى الملامة فلما صدقت أن حظها العثر سيتحسن، نحرها بكذبه فأقامت مأتماً فى قلبها عليه واعلنت الحداد لباقى العمر لأن رجلها مات أما الكاذب فهو من ظل على قيد الحياة، وعاد بعد شهر بحث عنها لم يجدها ووصل اليها استجداها اخبرها انه لو طلق زوجته الفرنسية لفقد الصلة والحق القانونى لابنته وانه مضطر حتى يضمن ان تتربى فتاته فى جو متزن بدلا عن مصاحبة أمها للرجال والقانون لا يمنع النساء المطلقات هناك من ذلك، وهو لا يستطيع ضم ابنته لحضانته وأن ما بينهما وزوجته مات، واقسم لها انه لم يعد يأبه لأحد من النساء سواها لكنها كانت قد ماتت من الداخل نظرت اليه بعينين خاليتين من الحياة وتركته ومضت وهاهو يعود ليستجديها مرة أخرى لكنها كانت قد انهت اجراءات الهجرة وموعد سفرها بالغد اكملت حزم حقائبها، وفى اليوم التالى تركت هاتفها الذى ما انفك أن يضىء من الأمس باسمه وأغلقت باب الشقة وغادرت إلى المجهول.