هناك أشياء صغيرة توجد فى حياتنا نتعلق بها
دون أن نرى ذلك التعلق بشكل واضح، أو نقف مع أنفسنا لنتساءل لماذا ها التعلق؟ وما
فائدته فى حياتنا وسلوكنا، وهذه الأشياء ممكن أن تكون عادة أو هواية، لكنها فى
نظرى تمثل محوراً من محاور الإرتكاز فى حياتنا كأرتباط المفكرين بالقهوة (
والمنبهات بشكل عام)، والمحبين بالقمر والمهموين بالبحر، والكُتاب بالأقلام،
والكثير والكثير من العادات والأشياء الصغيرة لست أقصد صغرها حجماً ولكننا أحياناً
نعتبرها صغيرة الأهمية، يمكن للحياة أن تستمر بدونها لكن لو كل أنسان وقف مع نفسه
وتصور الحياة بدون تلك الأشياء الصغيرة سيجد الحياة كابوساً وأن تلك الأشياء ربما
تكون المتنفس لنا لنخرج من دائرة الهموم والآلام، وهى شماعات وضعها لنا الخالق
لنلقى تبعاتنا عليها وآلامنا ثم نعود بعد أن نستريح لنحملها مرة أخرى فنجدها أصبحت
أخف وزناً أو ربما تلاشت، أو ربما هى وقود محرك لنا لعقولنا ومشاعرنا للاستمرار فى
العطاء، أو هى أدوات للتحفيز لأداء ما نحلم به فى أرض الخيال، وتجسيده على أرض
الواقع، هذه الأشياء شديدة الأهمية أنها مثل الإيمان يزيد وينقص عند الشخص حسب
حالته كذلك أهميته، أنها أشياء لا نشعر بأن فقدانها كارثة ولكن عند فقدانها نكاد
نجن فى البحث عن ماهو مفقود، فهل نتوغل فى نفوسنا لتبدع مهرباً سرياً نعبره لنتحول
من أرض الواقع لأرض الخيال، العالم السحرى الخاص بكل أنسان يُكتب عليه لافتة[ممنوع
الاقتحام]، ويوجد به كل ما يتمناه كل شخص ويشتهيه، لذلك فبالرغم انها أشياء صغيرة
إلا أنها محور الإرتكاز ، واعتذر لقارئى عن إقحامه عنوة داخل عقلى ليعرف أشيائى
الصغيرة، لكن ربما أردت أن أفتح الباب له ليقف مع نفسه ويعرف ماهية أشيائه الصغيرة
التى تمثل محور إرتكاز.
1)طائر الكروان
هو صديقى الى لم أسعد بالقرب منه بشكل مباشر،
ولكن أتفاءل به ويتعسنى عدم وجوده فى السماء التى يصل إليها بصرى، سبب صداقتى به
ليس صوته الجميل فحسب أو ارتباطه بأحداث سعيدة فى حياتى فقط، لكنه يظهر دائماً فى
فترات حالكة السواد فى حياتى، فيصدح بصوته الجميل وكأنه يخبرنى أن كل شىء سيكون
على ما يرام وهذا ما يتمناه كل إنسان كما أعتقد عندما تصادفه الزمات أو تحيط به
يتمنى وجود من يربت على كتفه ويطمئنه، ساعتها يشعر أن باب من كل الأبواب المغلقة
فى وجهه قد فُتح، وانه وجد كهفاً يأويه ويحميه من كل ما يعصف به من أزمات؛ لذلك
تعلقت بصديقى الكروان الذى لا أراه إلا طائراً محلقاً مرتفعاً أو أسمع صوته يكفكف
به دموعى، أتلهف لصوته الذى ينقذنى من الهموم التى أغرق فيها أحياناً، يتراقص قلبى
فرحاً لسماع صوته، يتزايد نبضى ويهدأ عقلى أنام وأنا أشعر بالأطمئنان، أعشق فيه
حريته وطيرانه فوق مستوى ما يستطيع البشر بدون طائرات أو غيره، وساعتها أحدثه فى
نفسى وأقول له ليتنى أنت لفرغت همومى وأعتبرت حياتى لهواً ولعباً، ولكنى أتمنى أن
أفهم لغته، ليتنى أعرف هل ما يمتعنى ويدهشنى فيه يمتعه حقاً أم لا؟
هل لأنه طائر لا يحمل فى طيات نفسه هموم
وأحزان، وهل كتب علينا نحن البشر أن نحمل الهموم دون كل الكائنات كما حملنا
الأمانة التى أبت كل المخلوقات حملها، كم عنيد هو الإنسان يبرر أسباب كرهه وكذلك
أسباب حبه، أما الكروان فهو متفائل دائماً، لايشكو، لايكره، صوته واضح، قوى، يخترق
الأجواء والنفوس فيبعث بها إشراقة الأمل ويغسلها من الهموم ويمحو منها اليأس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق