المشهد فى حجرة التكنولوجيا بمدرسة فى أحد أيام الدراسة،
الشخصيات (مدرس شاب فى حوالى الرابعة
والثلاثين ومدرسة شابة فى حوالى الخامسة والعشرين من عمرها)
هو: صباح الخير
هى: صباح النور
هو: إنك تجيدين التعامل مع جهاز الكمبيوتر
هى: لا ولكنى أحاول
هو: واضح إنكِ تحبينه.
هى: ليست مسألة حب وإنما كسر لجمود المواقف وتكرارها.
هو: جمود المواقف وتكرارها.
هى: نعم ألا تلاحظ أننا فى كل يوم جديد نكرر ما فعلناه بالأمس.
هو: نعم عندك حق. أيشعرك ذلك بالملل
هى: نعم وأى ملل بل هو سأم وضجر.
هو: ولكن الحياة يجب أن تعاش لا أن نهرب منها.
هى: أننى لا أهرب ولكنى أعيش بشكل مختلف.
هو: أتقصدين حبك للتكنولوجيا؟
هى: أحاول دراسة أشياء أخرى وانت؟
هو: أتاجر
هى: تتاجر بماذا؟
هو: ببضائع تبحث عمن يتاجر فيها.
هى: بقصد الربح.
هو: لا بقصد التغيير وكسر الجمود
هى: إننا متفقان إذن
هو: إننا لن نختلف أبداً ولكنى كنت أراك سعيدة بعملك.
هى: ولما أجد سعادة فى مراقبة البشر الذين يكبرون
ويتحركون ويتقدمون ربما للأمام أو الخلف بينما أنا ساكنة فى مكانى.
هو: ربما يلزمك فى المستقبل أن تغيرى من حياتك.
هى: قلت لك أننى أحاول.
هو: بالدراسة.
هى: نعم.
هو: لكن ذلك غير كافى.
هى: وماذا أفعل غير ذلك؟
هو: تبحثين عن الحياة.
هى: وهل أنا ميتة؟
هو: الموتى لا يغيرون مصائرهم ولكنك تستطيعين .
هى:طمأنتنى أننى مازالت حية. هلى تعتقد أنى متشائمة؟
هو: لا ولكن ربما خائفة قليلاً.
هى: خائفة من ماذا فى رأيك؟
هو: من الزواج مثلاً.
هى: وهل الزواج تغيير يؤدى إلى السعادة؟
هو: ربما من يدرى هل جربت؟
هى: لكنك أنت جربت ولم تجزم بعد بنتائج تجاربك.
هو: ارتبطت مرتين وفشلت مرة بسبب التحاليل اللعينة ولكن
هذا لا يعنى .......
هى: لا يعنى ماذا أن أمر بنفس تجاربك.
هو: بالطبع فأنا مازالت آمل أن أجد الأنسانة المناسبة.
هى: وهل تجد فى البحث عنها صعوبة.
هو: ربما أريدك أن تجيبيني أنت عن هذا السؤال.
هى: أى سؤال؟
هو: هل سوف أجد صعوبة فى إيجاد النسانة المناسبة؟
هى: هذا يتوقف على
هو: على ماذا على أم عليها؟
هى: ربما عليكما أو ربما على الاختيار المناسب.
هو: وأنت أنت ماذا تختارين لو كنت فى موقف اختيار لى؟
هى: تقصد أن أفكر بالزواج منك؟
هو: ربما
هى: هل تعرض على ذلك.
هو: ذلك يتوقف على ....
هى: على موافقتى أليس كذلك؟
هو: أو على اختيارك.
هى: لقد فكرت كثيراً فى المسألة ووجدتنى انفقت وقتاً
طويلاً بالأمس أحلم بالغد وأخطط لتحقيق الحلم وعندما جاء الغد وأصبح اليوم واقعاً
لامحالة حققت جزء من الحلم ولم أسعد بذلك ولم يعد لدى قدرة على إكمال الباقى ولولا
خوفى من الغد لكنت توقفت عن كل شىء وتركت نفسى للضياع بين الحقب الزمنية.
هو: ولكنى لم أفهمك؟
هى: هكذا أنا لم أفهم نفسى قط أتعلق بشىء حتى الموت وأظن
الحصول عليه يسعدنى ولكنه عند الحصول عليه تكمن ثورتى وتجهض سعادتى قبل ميلادها
للنور حتى وأرانى ضائعة حزينة.
هو: ولكن ربما تكونين معى أكثر قدرة على إتخاذ القرار؟
هى: وربما ينتهى بك المآل أن تسقط معى فى الهوة السحيقة
التى سقطت فيها هوة الشك والخوف والضياع أو أن يحطم أحدنا الآخر.
هو: معنى ذلك أنك ترفضين؟
هى: لا بل أوضح لك المآساة فأنا أنانينة لا أفكر إلا فى
نفسى لا أستطيع أن أفكر فى العطاء قبل أن أفكر فى الأخذ يصيبنى الملل والتعاسة
وعندها أعيش بلا روح وربما تنتزعنى من بين أحضانك نزوة أو مغامرة فى أحضان الحياة
وتقع معى فى مشكلات لاقبل لك بها.
هو: أمعنى ذلك إنكِ ترفضين أم تقبلين أم لم تقررى بعد؟
هى: معناه أننى أهرب وأفسح لك المجال كى تهرب أننى لن
ألتقى بشخص يحبنى ويحتملنى وأحبه وأستطيع معه الشعور بالسعادة أو إسعاده فى هذه
الحياة.
هو: ربما فى حياة أخرى.
هى: نعم ربما فى حياة أخرى.
هو: إذاً وداعاً وأسف إذ حاولت انتشالك من بؤرة ضياعك
وتمركزك حول ذاتك.
هى: لا تأسف لأجلى فالضائعون هم لعبة فى يد المقادير
وضعوا فى ملعب الحياة ليسدد بهم الآخرين أهدافاً يصيبون بها عمق الحقيقة أما هم
فلا قدر لهم إلا ماهم فيه وقد قبلت قدرى فلتنجو بنفسك وبقدرك منى.
تركها دون أن يلتفت وراءه خرج وصدى صوتها المرعوب المرتجف يملىء كل
كيانه، حزيناً عليها وسعيداً لنفسه بالنجاة منها فى الوقت المناسب أماهى فعادت لأمواج
حياتها المتلاطمة وتلاشت من حيز الزمان إلى فضاء العدم واللاوجود الانسانى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق