الأحد، 16 ديسمبر 2012

جيت متأخر



شردت بذهنها بعيداً ونسيت أنها تقوم بتهيئة البوفيه لاستقبال الضيوف احتفالا بعيد زواجها الأول، ورجعت بذاكرتها للوراء سنوات وسنوات وهى طالبة عندما دق قلبها للمرة الأولى لابن الجيران وأحبته في صمت ولكنها اكتشفت أنه يحب أبنة خالته ولا يشعر حتى بوجودها، انتقلت للمرحلة الجامعية وهناك ودون أن تقصد لفت نظرها شاب يرقبها بنظرات كلها حب وهيام، عرفت عنه انه شاب متفوق وناجح في عمله وحياته له مستقبل واعد يتسم بالأخلاق، ناضج ليس مراهقاً أو ممن يحبون التسلية ببنات الناس، قررت أن تبادله الحب دون أن يدرى سراً حتى يتقدم لطلب يدها، ومرت سنوات وفى يوم تخرجها اكتشفت أنه خطب غيرها بعد قصة حب ملتهبة.
 بحثت عن عمل وشغلت نفسها وانتظرت أن تقابل حباً أخر ولكن كلما احبت رجلاً أحب غيرها شعرت بالتضاؤل وأنها كائن غير مرئى، أنها تحب سراً وتعيش بالفشل سراً، مرت سنوات عديدة وتجارب فاشلة مريرة، انتظرت كثيراً، رأت كل من حولها يحبون ويتزوجون وينجبون وهى وحيدة، بل أنها خاسرة تخسر كل من تحبه، قرأت كثيراً وتعلمت كثيراً، تزينت عقلاً ومظهراً، اهتمت بكل ما يجعلها جميلة ومحبوبة في عيون الآخرين وقلوبهم وعقولهم ولكن الحبيب المنتظر والزوج المجهول ظل مجهولاً، صلت كثيراً ودعت كثيراً ومرت سنوات حتى بدأت تتأقلم مع الوضع، إلى أن اتصلت بها إحدى الصديقات، صديقات الأيام الخوالى وتبادلا حديثاً قصيراً دعتها لزيارتها لاستكمال الحديث عندها في المنزل، ووافقت فلم يكن لديها ما يشغلها، وجلسة الذكريات أفضل من جلسة الوحدة.
 وبالفعل زارتها وتبادلا أحاديث طويلة عن الحاضر والماضى وعرفت أن صديقتها متزوجة من رجل أعمال ناجح، طيب القلب لم تنجب منه وهو إنسان دمث الأخلاق وتعددت الزيارات وقابلت زوجها في أكثر من زيارة تبادلا أحاديث كثيرة سوياً مع زوجته، ثم فؤجئت ذات يوم باتصال هاتفى من الزوج يطلب منها أن تتجه للمستشفى لترى صديقتها، وهناك اكتشفت إصابة صديقتها بمرض خبيث في مراحله الأخيرة، وماتت الصديقة بعد كل المحاولات التى باءت بالفشل لإنقاذها من الموت.
 وبعد العزاء رجت الزوج كصديقة أن يتصل بها إذا ما أحتاج أى شىء وبعد مضى فترة وجدته يتصل يريد التحدث، بدأ بالحديث عن الذكريات حول المرحومة ثم تحولا لنفسيهما واكتشفت أنه يشبهها في كثير من النواحى وظلا يتحدثان ويتحدثان، وبعد العديد والعديد من المهاتفات طلب أن يقابلها وطلب منها الزواج، آثرت الانتظار حتى تخف آثار الذكرى ويتأكد كل طرف من مشاعره، ولكنها في نفسها كادت تطير من الفرح فقد جاء أخيراً، جاء بعد طول انتظار وتزوجا وها هى تحتفل معه بأحسن أعيادها عيد زواجها الأول وانتبهت على صوت زوجها (معلش جيت متأخر شوية، فردت وهى تلتفت لتعانقه من ناحية جيت متأخر أنت جيت متأخر بس المهم أنك أخيراً جيت).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق