الاثنين، 10 ديسمبر 2012

بقعة مضية



بقى ثلاثة أيام على عيد ميلادي أشعر كأنه اليوم الذى ستوافينى فيه المنية،كم أتمنى أن لايأتى هذا اليوم وكم أرغب أن أتخطى هذا العام وأعبر للعام الجديد فى عمرى دون تذكر ما حدث لى فى العام الماضى،أن العام الماضى كان من أسوأ أعوام حياتى على الإطلاق لا أدرى ماذا أفعل بحياتى العام القادم ،أن الأمور أصبحت دوماً تسير على غير ما أخطط لها،كل تلك الهواجس المرعبة دارت فى ذهنى وأنا أستقل الأتوبيس فى طريق عودتى لمنزلى بعد فشلى للمرة الخامسة فى الحصول على وظيفة، بالإضافة لفقدانى وظيفتين عملت بهما العام الماضى، واحدة فقدتها بسبب الواسطة التى جعلت من هى أقل منى تحل محلى دون إبداء الأسباب، والأخرى فقدتها لأنى رفضت أن أقلل من ألتزامى وحشمتى وتدينى، لقد أنفصلت عن عائلتى بعد أن ضاقت بى بلدتى الصغيرة، فبعد وفاة والدتى وتعرضى للكثير من المضايقات من زوجات أخوتى، ومعايرتهم لى بأنى عانس .

انتقلت إلى المدينة بحثاً عن وطن جديد وعمل وحب وحياة،استأجرت غرفة مشتركة مع أحد الفتيات التى تكمل دراستها وكانت رفقتها غير لطيفة بالمرة، فقد أزعجتنى السويعات القليلة التى أقضيها معها بالغرفة بعد عودتى من عملى منهكة أكثر مما أزعجتنى أى واحدة من زوجات أخوتى ،فى عملى الأول تقابلت مع شخص تقرب لى بكل وسيلة ممكنة وبعد عام قضيته معه أنتظر أن يحقق وعده لى بأن يتقدم لعائلتى وأتحمل غضبه ومشاكله وشكواه من قلة المال بل تعدى الأمر إلى اقتراض المال منى ،حتى أننى كنت أبديه عن نفسى وعن ضرورياتى وفى النهاية بعد تحولى لعمل أخر بدأ بالتهرب منى وبعد تركى للعمل سمعت أنه قام بخطبة البديلة لى فى موقعى الوظيفى فهى تمت لرئيس العمل بصلة قرابة، تركنى كأنى ورقة مهملة خط فيها بضعة خطوط فى لحظة شرود ذهنه ثم استفاق ورمى الورقة وتركها فى سلة مهملاته، وبالرغم من الدمار النفسى وكم الإهانة التى استشعرتها من تعرضى لذلك الموقف،إلا أن تلك المشكلة اصبحت أقل مشاكلى،حيث أننى بعد بضعة أيام سأفقد أخر ما فى حقيبتى من نقود وعلى دفع إيجار الغرفة وفواتير وديون تراكمت خلال شهرين أدور فيهما طارقة أى باب للعمل لكنى لم افلح،أقسم أخى الأكبر أنه لن يقرضنى المال مرة أخرى،وعلى العودة إلى منزل الأسرة فهو فى غنى عن تحمل أعباء نزواتى ولابد لى من الزواج بل أنه اختار لى عريس أخو زوجته ذلك الجاهل المتعجرف الذى لاألبث أن أراه حتى أشعر بغثيان وما تنبهت إلا على صوت الكمسرى وهو ينادى على محطتى حتى بدأت أخرج من هواجسى وأنا أخترق تكدس اللحم البشرى الذى يسد الطريق للوصول إلى باب النزول،وعند اعتلائى لدرج المنزل الكائنة به غرفتى وجدت بقعة ضوء لا أدرى من أين تأتى فى وسط هذا الظلام ربما هى انعكاس لشعاع صغير قادم من سطح المنزل لكن البقعة بدت لى كبيرة جعلتنى أشرد بذهنى وأفكر،إذا كان الدرج المظلم وصل إليه بصيص من ضوء فلابد أن هناك فى حياتى المظلمة بقعة مضيئة وعلى فقط أن أبحث عن مكان ينفذ منه حتى لو شعاع بسيط من الضوء لحياتى وأسمح له بالنفاذ وربما يتبدد الظلام بتلك البقعة المضيئة كما حدث للدرج.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق