نشأت فى قريتها الصغيرة القابعة على ضفة نهر
أزرق هو شريان الحياة تكسو قريتها الخضرة ، يصحون مع شروق الشمس وينامون مع
غروبها، كان الصخب بعيداً عن حياتهم ، لم يعرفوا طوال العام أعياد ولا احتفالات
إلا فى يومين يوم الحصاد ويوم النحر، اصبحت تسميه كذلك بعدما كبرت ووعيت لما يحدث،
فقد كانت تمشى فى ركاب فتيات جميلات متزينات كأنهن فى ليلة العرس يقفون على ضفة
النهر، يقولون فى قريتها أنه لابد أن يتزوج بفتاة جميلة عذراء، وأن جميع العائلات
لابد أن يقمن بتقديم أجمل فتياتهن لربما تنال واحدة من بناتهن شرف الزواج من
النهر، كانت تتعجب نهر بلا مشاعر بلا قدمين أو ذراعين كيف يتزوج ولماذا لاتعود
الفتيات المتزوجات من النهر لزيارة أهلهن، ومانوع الطفل الذى ستحمله زوجة النهر،
ولماذا يتزوج النهر كل عام فتاة، لم يتزوج أبيها طوال حياته بزوجة أخرى وكذلك كل
رجال القرية، ولماذا عراف القرية هو من يحلم بالفتاة التى يريدها النهر دون سواه،
ولكنها عندما وعيت عرفت أنهم يضحون بفتاة كى يظل النهر مباركاً يعطيهم من خيراته
ويفيض عليهم بالماء الذى يشربون منه ويسقون زرعهم وماشيتهم وأنهم لا يستطيعون التأخر
عن يوم النحر وإلا غضب النهر وبخل عليهم بمائه وبركاته، وأن الفتاة والعائلة التى
يختار منها النهر زوجة له، لابد أن يكونا فخورين ويحظيان بمكانة رفيعة بين عائلات
القرية ويصبحون مباركين ويسعى خلف بناتهن كل شباب القرية، أدركت بعقلها أن هناك
شىء خاطىء لكنها لم تجرؤ على الاعتراض حتى لا تتهم بالعصيان والجنون وتنبذ من
أهلها وقريتها، وكانت تعتقد انه من المستحيل أن يختارها النهر فلم يسعى خلفها اى
من شباب القرية فكيف لنهر عظيم ان يختارها وهو لا يختار الا الجميلات، حتى أتى يوم
استيقظت على صوت العراف يبشر أهلها بأن يعدوا ابنتهم لتكون ضمن زوجات النهر،
انهارت فى البكاء فقد ادركت انها ستفقد حياتها رجت أمها وأبيها فأخبروها أنها
محظوظة ولابد أن تسعد بهكذا خبر، هل تسعد بخبر قرب موتها، أى جنون هذا وجاء اليوم
الموعود وسيقت الفتيات وهى من بينهن ليختار النهر من يشاء، وبدأت الطقوس تقدم
الفتيات دليل العذرية فاذا سال الدم الطاهر فى النهر وهاج النهر فقد اصبحت تلك هى
زوجته ، سالت دماء الفتيات الطاهرات فرأى العراف أن النهر هاج عندما سال دمها،
ألقوا بها دخل النهر فاذا النهر يلفظها فى المساء على شاطئه، كان العراف فى
انتظارها شق صدرها وانتزع قلبها ورماه فى النهر ورمى الجسد فى النهر فلفظه النهر
فعاد لرميه مرات ومرات، أعلن العراف لم تكن الفتاة وعائلتها مخلصين فى تقديم
المحبة الكافية وعليهم ان يطردوهم خارج القرية، وتزويج النهر بأخرى ظلت الجثث تلقى
ويلفظها النهر وظل الناس يصدقون أن العيب فى الفتيات التى نحروهن تقرباً للنهر جف
النهر وجفت من القرية فتياتها الشابات رحل الشباب بحثاً عن الرزق وعن فتيات للزواج
بعد ما نحرت جميع الفتيات على ضفة النهر، هجروا عائلاتهم وامتلئت القرية بالكهول
ماتوا واحدا تلو الآخر حتى قيل لم يجدوا من يدفنهم ومات العراف وعاد النهر الجاف
يفيض ويجدد الحياة داخل القرية الميتة وعاد الناس يسكنونها يقدسون النهر دون نحر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق