السبت، 12 يناير 2013

عذاب الخيانة الطاهرة



دق جرس الهاتف، وجدت رقماً بلا اسم ترددت قليلاً قبل أن ترد، وإذا بها تغالبها وحدتها ورغبتها في أن تسمع صوتاً بشرياً يدفعها للرد، أنه هو صديق قديم مسحت رقمه من قائمة هاتفها المحمول وكانت قد قررت أن لا تعاود الأتصال به أو استقبال مكالماته، رغم أنه صديق مجرد صديق تحترمه ويحترمها ويكن كل منهما للآخر كل تقدير، وهى تعرفه منذ كانت أنسة وكان هو متزوجاً ولديه 3 أبناء وقد عرفها بزوجته واولاده، ما جمعهما هو الحوار السياسى على النت في صفحات الفيس بوك، وحبهما الشديد للوطن وجرحهما العميق مما يحدث فيه، وتعددت الحوارات حتى تطرقت للثقافة والطموح ثم روى لها كل شىء عنه وعن عائلته، وهى أيضاً وأصبحا يفضفضان لبعضهما البعض وتستشيره بأمور تخص عالم الرجال فلم تكن تعرف عنهم شيئاً ويستشيرها بما يستطيع به تجديد مشاعر زوجته فقد كان يحب زوجته حباً يفوق الوصف أحبها منذ كانا زملاء دراسة تحملا مع بعضهما الكثير إلا أن مشاعرها هدأت فاصبحت لا تبالى أما هو فمازالت مشاعره متأججة تغالبه الشياطين من كل ناحية فقد كان رجلا مستقيما في زمن عزت فيه الاستقامة واحتجبت فيه الفضيلة لتصبح عاراً يعاير به بين أصدقائه لم يعرف إلا زوجته وكان لأخلاقه أعظم الأثر في نفوس الأخريات اللاتى استكثرنه على زوجته وأردن المشاركة ليحظين برجل يقوم بكل شىء فهو يطهو في غياب زوجته ويقطن في بلدة أسرتها ليرضيها ويكتب الشقة بأسمها شكراً لها على تحملها معاناة السنوات الأولى ويرعى مصالح أسرته وأسرة زوجته ويتابع الأبناء في المدرسة والنادى والدروس ويعرف جميع أصدقائهم وصديقاتهم ويتحاور معهم، زوج ديمقراطى لا يغار من اهتمامات زوجته السياسية ومشاركتها في النقابات والأعمال الاجتماعية ويقدم لها الهدايا والورود بعد مرور 17 عاما على الزواج ولا ينسى ذكرى زواجهما ويحتفل به بين الأهل والأصدقاء، بل و يشترى لها الملابس، ويراها جميلة الجميلات على الرغم من أن الصديقة تذكر مدى الدهشة التى ارتسمت على وجهها وجمدت الكلمات في حلقها عندما رأت صورة لملاكه الطاهر كما يطلق على زوجته ووقتها بررت لكل النساء المحيطات به أن يقمن بإغرائه، ومع ذلك لم تنجح أى منهن في الوصول لقلبه، ظل وفياً لها لكنه مؤخراً بدأ يعانى من أهمالها الشديد وخاصة مع تعاظم المغريات وقد روى لصديقته كل ذلك فقد اعتبرها أخته التى استطاع البوح لها بكل شىء أو العقل الاليكترونى الذى لن يضره تدوين مشاعره على صفحاته ويستطيع حذفه في أى وقت، هى الأخرى تعودت أن تحكى له عن غباء رؤسائها في العمل وما تعانيه من تعليقات الزميلات والقريبات على موضوع الزواج ورأيها في الزواج وأحلامها في المستقبل، كان يستطيع استيعابها، كان شخص مختلف تعجبت لأن كل منهم رغم أعجابه الشديد بشخصية الأخر إلا أن ذلك لم يتحول ولو لبرهة إلى حب بل ظل كل منهما دون أى معاناة يشعر بأن الأخر شخص ينتمى إليه لكنه كالمحارم لا يجوز التفكير فيه، وقد كانا مقتنعين أنهما يستطيعان الحفاظ على تلك العلاقة النقية الطاهرة في أطارها المحترم ظلت العلاقة الاليكترونية لسنتين ونصف لم يشعرا بكل تلك المدة ، رغم أنهما لم يريا بعضيهما ولم يتقابلا وكانا يتحدثان بشكل يومى، وفى وسط تلك العلاقة حدث أن اكتئبت وكذلك اكتئب الصديق فتاها عن بعضهما حيث كانت الدوامة أكبر من أن يعودا لدعم بعضهما فقد مر الوطن بمصائب من العيار الثقيل حطمت أحلامهم أو أمالهم في أن يأتى غد مشرق أو مختلف فكرا في السفر كل في طريق مختلف هو لجمع المال لتأمين احتياجات أسرته وهى للدراسة وفى الحقيقة كانا يهربان حتى الحوار انقطع بينهما لشدة نبرة اليأس والأحباط لم يعد حتى السخرية من مصائبهما تجدى فحالهما الشخصى كان يعكس ما تعانيه بلدهما، ولكنهما غارقين في عشق الوطن لذا تعلقا بترابه هو أغرق نفسه في تجربة مع إحدى زميلاته في العمل وهى قبلت أن تتزوج برجل لا يربطها به أى نقطة مشتركة عاد الحوار نصحته ونصحها ولكن الالم كان يحتاج لمسكنا حتى ولو كان مخدرا فكل ما يحدث سيؤذى أن عاجلا أو آجلا وعادا ليغرقا في دوامة المخدر الذى اختاره كل منهما لنفسه وعندما استفاقا عادا ليتصل بها كانت قد تزوجت واكتشفت بشاعة ما تورطت به وهو كذلك قد أفاق وعذاب الخيانة يمزقه أراد أن يتحدث معها فهى كانت قس الاعتراف الذى يطهر نفسه باعترافه أمامه ويطلب من ربه التكفير عن سيئاته كانت تجلده بسياط كلماتها عندما يخطىء أو يقترب من الخطأ لكن الصراع الآن ليس داخله فقط ، بل الصراع داخلها هى الأخرى فقد أصبحت تخاف من نفسها أن تقع في شرك خيانة شريكها الذى ارتضته خافت من نفسها وربها نصحته وفرت بصراعها هاربة بعد أن أغلقت الهاتف على ألا تعود للحديث معه مرة أخرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق